عندما تستيقظ ذات يوم لتكتشف أن الشيء الوحيد الذي كانت تدور كل حياتك حوله هو مجرد لا شيء
يكن الوقت قد لعب معك أفضل لعبة ساخرة في كوميدياته السوداء
فليكن عندها رد فعلك بسيط غير مبتذل و لتضحك...لتكن ضحكتك عالية مبهجة حتى لا تفسد إيقاع البكاء
عندما تستيقظ ذات يوم لتكتشف أن الشيء الوحيد الذي كانت تدور كل حياتك حوله هو مجرد لا شيء
يكن الوقت قد لعب معك أفضل لعبة ساخرة في كوميدياته السوداء
فليكن عندها رد فعلك بسيط غير مبتذل و لتضحك...لتكن ضحكتك عالية مبهجة حتى لا تفسد إيقاع البكاء
* البداية :
كل أمرآة تُحب أن تَقف أمام المرأة..تُحب أن تَرفع شَعرها إلى أعلى أعلى رأسها حتى تَظهر عِظام رَقبتها بارزة و واضحة أكثر مما هي
تنظر لهما في فَخر...في سَعادة...تَشعُر بجمالها فيهما...تَشعر بأنوثتها بهما
هكذا تَتوقف كل أمرآة و لو حتى دقيقة أمام مِرأتها لتشكر شَعرها المرفوع إلى أعلى أعلى رأسها على لحظات البهجة التي يَمنحها !
* فلاش باك :
أذكر أول مرة أستمعت فيها إلى "علشان يشبهلك"* ...أخبرتك أنني أستمع لها...غَنيت لي نفس المقطع الذي كان يغني منير في تلك اللحظة
*كان نفسي أنديلك...أشكيلك ..أسمع منك...أحكيلك"*
يومها ضَحكت...تَعجبت...
يومها أحببتُك
اليوم أسمعها مرة أخرى في مكان أخر و كلي حرص أن يكن حولي أشخاص أخرون و حديث أخر و دنيا منفصلة عنك
أستمع إلى هذا المقطع و أنظر إلى أعينهم بشيء من التلهف...أريدهم أن يمحو تلك الذكرى بذكرى أخرى تمحو ذكراك و تمحوك معها...أنظر لها فأجد نصف أبتسامة ترتسم على وجهها
"أنا و منير فيه بينا لينك حلو يعني"
و أنحني !
* خاطر :
كل الحكاية أني مش لاقية الأمان مع حد...عارفة أي ست في الدنيا يوم ما بتقابل شخص و تحس معاه بالأمان مخها بيبطل يفكر..مش بتبقى مستنية حاجة...بتبطل بشكل ما تحسب كل تفصيلة صغيرة...بتسيب الطفلة اللي جواها تطلع للدنيا عشان بتبقى عارفة أن بشكل ما فيه حد واقف وراها بيحميها
يمكن يكون علاج فوبيا المستقبل ديه هو أني إلاقي الأمان ده بشكل ما...مش لازم مع شخص محدد...ممكن إلاقي الأمان ده جوايا..أبقى قوية كفاية أني أسند نفسي ف أطمن
يمكن عشان كده بفكر كتير...أوي
* فاصل :
تقف هناك في أخر الحجرة...تحمل في يدها أوراق بيضاء كثيرة لأول فصل من أول رواية كتبتها و كنت أظن وقتها أنها أفضل ما يمكن أن أكتبه على الأطلاق...تقرأ أول صفحة في صمت..ثم تنظر لي
"مش وحشة على فكرة"
أنظر للورق الذي في يدها نظرة إشمئزاز ثم أدير وجهي عنها
تقترب , تضع يدها على كتفي في حنان
"ممكن تكتبي أحسن أكيد , ده غير أنها رواية شخصية أوي و أنتِ ممكن تخرجي برة الأطار الشخصي ده شوية "
أطلب منها أن تقرأه عليِّ كاملاً , و لكن قرأة مسرحية كتلك التي تقرأها...أريد أن تكتمل أركان روايتي الكوميديا بأداء مسرحي يليق بكوميديتها السوداء
تقرأها...نضحك...يرتفع صوت ضحكتنا..
أتوقف لبرهة
"بيبسي مش كاكاو"
"نعم ؟!!"
"مشروبه المفضل بيبسي مش كاكاو "
"!!"
تنحني و تطبع قبلة صغيرة على خدي
"مش ديه أحسن رواية ممكن تكتبيها لأ....أحسن رواية لسة ما عيشتيهاش
أنا بَحِبك أوي ! "
* ما قبل النهاية :
"يا بدر في السما
عمر ما قلبي أترمى
أوصيك
أوصيك بيا"**
أوصيك
أوصيك بيا !
* النهاية :
نعم أنا ضعيفة
أضعف من أن أشد ستائر النهايات , أحب أن أعطي الأطراف الأخرى حبال هذه الستائر ليشدوها هم حتى لا يصيبني داء الندم
لا أحتمل فكرة أن عليِّ تحمل مسؤلية النهايات...التي أخترها أنا و يشدوا حبالها هم
* أغنية "علشان يشبهلك" لمحمد منير
** جزء من قصيدة "عصفورة" لبهاء جاهين
فجأة أُقرر أن أخلع عن قَدماي حذاء يخنقهما , أنظر لهما في ترقب و أنتظر أن تهبط عليهما مُعجزة من السماء ليضيئا مرة أخرى و لكن لا شيء يأتي ...مظلمتان تماماً كما كانا و هما داخل حذاء أحمر يكرهنا !
سنوات طوال و أنا أمشي ببطء , لا أسعى لأستخدام قدمان مَلا رجائي الركض بهما.. أغطيهما بحذاء -من جلد البشر -صنع خصيصاً لهما !...فقط سمحت لهما و لنفسي أن تخترق كعبهما شقوق الزمن,,و لكن رفضت أن أروي هذه الشقوق فتنبت زهور بنفسجية
و أبكي !
أنظر لهما...ربما كان علىِّ منذ البداية بترهما
أنظر لهما...ربما لا أستحق أن يكن لي قدمان أركض بهما بعيداً
أنظر لهما...و ببطء شديد أغرسهما في الماء..تظهر بوادر زهور بيضاء صغيرة...يُضيئان مجدداً
يحرص هو , كلما دخل للإستحمام , على غلق باب حمامه بأحكام شديد جداً !
أقتنع بعد فترة طويلة من الأقناع أنه لم يدفعها إلى أي شيء...هي التي دخلت حياته و دفعته إلى الدخول في شيء لم يريد
نعم , ف هو لم يخبرها بشيء محدد سوى أن سبع حوريات يحبانه و يزورنه في أحلامه بشكل يومي متصل
..فقط...هذا هو كل ما أخبرها...
هي التي حرصت كل الحرص على أحاطته بذكر كل الأشياء التي يحب...ضحكت أمامه و بشكل ما دفعته إلى التلاعب بها
هي كانت تريد ذلك...بالتأكيد كانت تسعى لأن يتلاعب بها و يعبث بعواطفها و يدمرها
و إلا لماذا كانت تخبره أنه أرقى منها و أكثر ذكاءاً و موهبة ؟!
خلع ملابسه و ترك المياه الساخنة تنال من رأسه و تُسَيح ما بها من أفكار
الآن هي -بالتأكيد الممل - كعادتها المملة تبكي ...ربما تكن تحكي لأحدى صديقتها عن هذا الوغد الذي حطم بقاياها
و ربما تكن تبكي فراقه
هو لم يكن يسعى لأي شيء...هي التي دفعته
لم تكن تعرف أنه كان يغلق باب حمامه حتى لا يرونه حورياته عارياً فيكرهونه أكثر
و أنه اليوم قد ترك باب حمامه مفتوح لأنه بشكل ما يعرف أن لون الدماء على رخام حمامه الأبيض سيثير حورياته السبع و يدفهن لحبه و أخذه معهن في أحلامهن !
"من إمتى العيد مبهج ؟"
تسأله في برود
"مم طول عمر العيد مبهج..مش عيد ..لازم يبقى مبهج"
تنظر له نظرة سخرية
"أي كلام...بقالك قد إيه ماحستش بالعيد ؟...أي كلام "
يتركها تنفخ دخان سيجارتها في غضب و يخرج إلى الشرفة في محاولة منه للخروج خارج نطاقها السلبي و تنفس بعض الهواء النقي
"يمكن يكون عندها حق , بس إدينا بنقنع نفسنا أننا مبسوطين..يعني نموت من القهر و الحزن يعني !"
تدخل عليه الشرفة..تسند رأسها على كتفه المرهق
"عارف...أخر مرة حسيت فيها أن العيد له معنى كان و أنا صغيرة أوي...من كتر ما الوقت ده بعيد مش فاكره
بس أنا فعلاً مش عارفة أفرح بالعيد تاني
يمكن دلوقتي و أنا ساندة رأسي على كتفك حاسة أن العيد مش حيمر مر زي كل سنة..بس مش حينفع يبقى مبهج زي زمان
فاهم حاجة ؟"
يمرر يده على شعرها ببطيء و يرفع رأسها قليلاً ثم ينظر لها نظرة حانية
"فاهم...للأسف فاهم أوي"
يترك رأسها لتستقر ببطء على كتفه بينما يتأمل كلاهما الزينة المعلقة على الشرفة المقابلة لهما !
تعاني من حالة غير مفهومة من الجفاء
تشاهد المقربون يتركون الساحة و يرحلون أو ينسحبون بشيء من البطء و هم لا يشعرون بأعراض هذا الأنسحاب , بينما هي تجلس هناك تحتسي الشاي بالنعناع في شيء من السخرية و التحدي
فليرحلون ...لن أوبخ أحد للبقاء...أسيكون لبقائهم معنى أن طلبته أنا ؟!
لا
أذاً فليرحل من يستشعر الرغبة في ذلك...ف أنا حقاً لا أهتم سوى بكوب الشاي بالنعناع الذي أرتشف دون ملل
تمتص المرارة و تترك جسدها لألام أعراض الأنسحاب القاتلة و رائحة النعناع
الآن تعرف سبب البرود المفاجيء الذي أصاب أطرافها و تركها دون شعور
تحلمين بالتواجد داخل خزانة من الحديد يطرقها الجميع دون كلل طلباً للمساعدة...كلهم يريدون مكانك هذا...يريدون الحماية و الأمان ..عدم الشعور مبهج -أحياناً- !
تغمض عينها في شيء من الأستنكار
أنا لا أعاني من شيء على الأطلاق...أنها مرحلة أنتقالية أخرى ...واحدة من تلك الفوبيات الكثيرة التي تلهث ورائي محاولة قتلي , تحاول أقتحام عقلي و دفعي للجنون و لكن لا
و لكن لما لا ؟...لما لا نخوض تجربة الجنون ...ربما تكن أفضل من تجربة المراحل الأنتقالية و أعراض الأنسحاب
يأتيها وجهه في المرآة واضح ..ترتبك لأرتسام حركات يده و نصف الإبتسامة و حاجبه الذي يرفعه في تعجب على وجهها ...تتقمص دوره في براعة ...تقلد صوته
الآن سيخبرها إلا تخاف ..أن تدخل في التجارب ب"صدر مفتوح" دون خوف أو تعجب أو فوبيا بينما يتملك صوته النبرة الهادئة
سينصحها أن تتخلص من فوبياتها و تمارس حياتها بشيء من الأندفاع..سيشجعها على أن تخوض تجربة الجنون لربما تكن الأفضل ثم سيبتسم أبتسامة صغيرة تسمع صوتها يرن في أذنيها
نعم أنه الجنون المصاحب لحالة أنسحاب أخرى شديدة السخرية
تترك وجهه المرتسم على وجهها ..تندفع إلى هناك... تريد أن تقطف زهرة مرسومة على ورقة بيضاء صغيرة ملقاة في أحد صناديق القمامة العارية الملقاة على قارعة الطريق
أخبرت صديقتها أنها تتحضر لموعد مهم جداً أمام المرآة و أنه لا يصح أن تذهب إلى موعدها دون شيء جميل تحمله في يدها المحملة بأكواب الشاي بالنعناع
ها هي صديقة أخرى ترحل دون أن تشرب الشاي !
و لكن لا يهم...المهم الوردة المرسومة على الورقة البيضاء الصغيرة الملقاة في أحد صناديق القمامة العارية ...هذا هو المهم
فكيف يمكن أن تشرب الشاي أمام المرآة دون أن يصحاب أرتسام نصف إبتسامته على وجهها وردة بيضاء لا وجود لها ؟!
"مُفتاح الحياة أنت
مُفتاح الحياة الذي لا تَنفتح أبواب السَعادة الأبدية إلا به
أنت مُفتاح الحياة الذي أضعت"
تقف على ناصية شارع ما , تَنتظرُ ,...في شَيء من المَلل تُدير خَاتمها الفضي الكبير الذي تزين به أصابعُ كَفها الصغير ...ثم في شيء من اللامبالاة تدير وجهها ناحية بَحرها لتتأمله .
في الجهة المُقابلة للطريق يقف هو مُستند على عَربته , يضع كَفيه في جُيوب جاكتته الثَقيلة , ينظرُ إلى الجهة المقابلة للطريق - دون أن يَلمحها - يتأمل البيوت السَكندرية القديمة التي تأكلت وجهتها بفعل الجو و مياه بحره المالحة و الزمن .
ظَل يتأمل شُرفات البُيوت واحدة تِلو الأُخرى و يتسأل عما أذا كانت روحه قد سَكَنت أي من هذه الشُرٌُفات , قَديماً , قبل أن تُقرر الإنتقال إلى مَدينته الجافة لتلتقي بجسده و يَكُن هو !...يتأمل كل شُرفة منهم و يتمعن في تفاصيلها... يبحث في طياتها عما قد يمد لروحه بأي صلة....يَسرح فيها حتى تَصتدمُ روحَه بنسمة هَواء مُتشبعة بذرات مياه بحره المالحة لتقتحم الفكرة عقله...لا لم تَسكن روحه أي من هذه الشُرفات الباردة بل كانت تَسكن قلب فتاة سَكندرية كانت تَسكُن , قديماً , في بيت خَشبي صغير مُطل على نفس هذه البقعة التي يَقف أمامها...أعجبته الفكرة كثيراً
لما لا ؟!
روحه تَسكن قلب فتاة سَكندرية ترتدي ثوب أبيض و تطلقُ شَعرها للريح بينما تُزين أصابع كَفها الصغير بحجر الفيروز الذي يحب
إبتسم في صمت ..إبتسامة أنتصار..و كأنه أخيراً قد وجد جذوره و نَسبه الذي يَنتمي إليه...لهذا متعلقة روحه بهذا المكان و يشعر الأنتماء له !...أحب فكرة أن روحه التي يحمل الآن كانت تحملها فتاة ما بين صَدرها و تخاف عليها..لا شُرفة بيت قديم ذابلة لا روح فيها
أطمن لأستقرار تلك الفكرة ف عقله , و أدار ظهره للبيوت القديمة و الشرف الذابلة......و لها !
كل ذلك و هي لاتزال تقف هناك في الجهة المقابلة للطريق , تنتظر , و تدير خاتمها الفضي الكبير في ملل !
**Inspiration :
شخصية "أوكتافيا" في رواية "عزازيل"
و أشخاص أخرى
:)))
دعنا نَتقابل صُدفةً , نَمشي سَوياً في شَوارع مَدينة تَكرهنا , ننظرُ إلى أضوائها التي لا تَبهرنا على الأطلاق فيزيد حنقها علينا و تكرهنا أكثر
نظل نمشي نمشي و نمشي حتى نَملُ المشي فنجلس على أول مقهى تُقابلنا لتُخرجَ ما تبقى من علبة سَجائرك و تضعها على الطاولة الفارغة ف شُموخ...تَسحب سيجارة و تشعلها بينما أبدأ أنا في سرد أحداث غير مهمة على الأطلاق
أخبرك عن تلك التي فقدت حبيبها و الأخرى التي تملأ حياتها المشاكل...أنتهي بهذا الرجل الذي فقد أحلامه و هذا الصديق الذي لم يعد كذلك...تستمع إلي بينما تصوب دخان سيجارتك الرابعة على سحاب سماء لم و لن تسعك
نصمت
و نصمت
و نصمت
أشير لك على أمرآة تقف هناك بجانب رجل يبدو عليه الأرهاق , أخبرك أنها بقايا هذا الرجل الذي يجر ورائه الفقر و الهم و أشياء أخرى لا نعلمها
تُتابعني و أنا أحرك يدي و أنظر إليهما في شيء من الأشفاق
تترك سيجارتك تحترق في يدك
تنظر إلى اللاشيء ..تخبرني , في هدوء تام مصاحب بنصف إبتسامة تعودت أن ترسمها على شفتيك كتعريف لسخرية القدر ,
أنها ليست وحدها...فنحن جميعاً ,مثلها تماماً , بقايا لهذا الرجل
لماذا يأتي دائماً الخوف ليعكر صفو كل شيء ؟
لماذا أخاف ؟!
لماذا لم نولد جميعاً ف قصة كتلك الخيالية حيث الخرافات و الأساطير
حيث الفارس يحب الأميرة و تنتهى القصة دون أن يسأل أي منهما عن رصيد الأخر ف البنك أو عن عائلته الكريمة من أب و أم , عمة و عم !
لماذا نحن هنا جميعاً في هذا القدر و الدوامة الغير معروفة النهاية ؟
أنا أخاف
نعم أنا أخاف
أخاف من الفشل
من الوحدة
من الجرح
أخاف من الألم
أخاف من الخوف ذاته أن يأتي اليوم الذي يدمر فيه كل ما أعمل أنا لبنائه
أخاف من المستقبل إلا يكن كمان أريد و أتخيل
أخاف منك و عليك
و أخاف لك و إليك و لي و علىّ
أخاف مني
"من الغريب أن أشعر بأن روحي مملوءة بالنور مع أنها لم تفارق البدن"
أفلوطين
الآن , أنا أفقد كل ما أملك من نور كان يحتويني و لا أعلم أن كان في أستطاعتي أن أمنع تسربه من أركان روحي
و لكني على يقين بأنه يتسرب
لم يعد بيدي حيلة الآن سوى الأعترف بأن النور نفذ و الطاقة لم يبقى منها شيء
من المؤلم أن تستيقظ ذات صباح لتنظر في المرآة فتشعر أنك فقدت ذاتك و لم يعد لأبتسامتك روح
تشعر أنك في حاجة إلى أشياء كثيرة و لكنك أعتدت على منحها دون الحصول عليها فلا يسعك اليوم أن تطلبها من أحد
أفتقد روحي و نورها
و أخاف إن ينتهي الحال عند هذا الحد...أخاف أن ينتهي الحال هنا
لماذا لم يعد بإستطاعتي الكتابة ؟!
لماذا كلما أمسكت بالقلم و أندفعت إلى كتابة شيء ما فجأة أفقده..أصبحت لا أملك كلمات أعبر بها عن مشاعري و أفكاري و وجهات نظري الضئيلة
أم أصبحت فارغة إلى درجة أنه لا يوجد ما يستدعي التعبير عنه ؟!
أين أنا ؟
و لماذا عندما قررت أن أتوقف عن الكتابة عن الحب و الشريك المفقود , عندما قررت أن أتوقف عن البحث عن الحب و الشريك المفقود ...أن أتوقف عن الكتابةعن المرأة و دورها في مجتمع قد يكن لا يراها كما أراها أنا
عن طموحها و أهميتها و عندما قررت إن لا أكتب عن قوتي , عن ضعفي و خوفي
توقف القلم
إلا يوجد في داخلي شيء آخر سوى هذه الأشياء يستحق أن أعبر عنه و لو حتى في كلمات و أسطر قليلة
أصبحت كل كلمة تحملها أوراقي لا ترضيني , أراها غير معبرة على الأطلاق
كل فكرة تحضرني اراها مكررة , غير مجدية ...ثم أنتبه أنني كنت أكتب من قبل لأنني أشعر أنني أريد أن أكتب
أن هناك شيء يريد أن يخرج حتى لا يقتلني ..فأستحقر كل الأفكار التي تحضرني لأكتبها و أنام
لماذا لم أعد أراني ؟ ...أكنت أراني من قبل في عيون الآخرين و عندما توقفت عن الأهتمام بإنعكاس ملامحي في أعينهم لم أعرف حقاً من أنا
إلهذا أشعر بالضياع ؟...أطمح للتغيير ؟
و لكن أين ما تبقى مني أن كنت بتخلِيَّ عن هذه الهوامش فقدتني
لا أعلم أن كنت سأجد شيء يدفعني للإستيقاظ من نومي و البحث عن ورقة و قلم كما كان يحدث من قبل
لا أعلم أن كان ما أنا فيه الآن بداية أم نهاية
لا أعم أيضاً أن كان عليَّ أن أبحث عن مصدر إلهام جديد أو عن ذات فقدتها دون قصد مني و أنا أبحث عنها
كل ما أعلمه أنني لم أعد أملك شيئاً لأكتبه , على الأقل الآن
"خذ بيدي و أحملني بذراع قوتك حتى أستطيع أن أتفهم أن لضعفي معنى"
لأنني أخاف الوحدة , أخاف الضعف , أخاف الفشل , أخاف إنكسار القلب
لأنني أخاف من جرئتي , أخاف من أندفاعي إلى التجارب الجديدة , أخاف من طريقة تفكيري
لأنني أخاف أنكر خوفي
شيء في طبيعتنا البشرية يدفعنا إلى إنكار نقاط ضعفنا التي ربما جزء داخلنا و لو صغير يحب...شيء فينا يخبرنا أنه لا مكان للخوف بينما كل ما يحركنا هو
دافع يقودنا للبحث عن الأمان بقتل ما يخيفنا
أبحث عن الحب حتى لا أخاف الوحدة..أدعي القوة حتى لا يقتلني الضعف...و أبني الكثير من الحوائط حولي حتى لا ينكسر القلب
و لكن ربما لم يكن هناك داع لإنكار الخوف...
ف ربما لن يأتي الشيء الذي من شأنه أن يبدد هذا الخوف إلا عندما أعلن وجوده
من حوالي سنة من الآن أخبرتني صديقة ما أن العشرينات هي عهد جديد و مختلف
و عندما من بضعة أشهر فاتت أتممت العشرين من عمري حاولت أن اقنع نفسي أنني حقاً على أعتاب عهد جديد ومختلف و لكنني - وقتها- لم أشعر بأي فرق يذكر
الآن - بعد مرور هذه الأشهر القليلة على دخولي حقبة العشرينات - أشعر أنه عهد جديد و مختلف , بل عهد جديد و أفضل
كل يوم يمر الآن له شعور آخر مختلف...و الآن أشعر أن كل سنة جديدة ستكون بداية عهد جديد أشعر فيه بأختلاف أفضلكل الأجابات و الدروس اللي بنوصل لها مع الوقت...لما بترجع شوية بتفكيرك بتفتكر ان في يوم من الأيام ولدك أو ولدتك حاولوا يشرحولك الدرس ده و يسلموك العلامات اللي ممكن توصلك للأجابات ديه
المشكلة أن كل واحد فينا كان أعند من أنه يتقبل تجربة حد من أهله...كل واحد فينا كان عايز هو يخوض تجاربه بنفسه و يدور هو على أجابات أسئلته يمكن يشوف حاجة أهله ماشوفوهاش
كل واحد فينا كان عايز يحط إيده في النار عشان يتأكد بنفسه أنها بتلسع !
زمان لما كانت أمي بتحاول تقدم لي تجارب حياتها و الدروس و الاجابات على طبق من فضة كنت برفض ده
كنت بشوف أنه نوع من أنواع التحكم و الرغبة في السيطرة الكذابة و ممارسة دور الأمومة و الأبوية زي ما قال الكتاب المصري
الغريب أنه من وقتها عملية التقديم ديه ما تعدديتش حدود النصح و الخناق العادي
لكن عمرها ماتحولت لعملية اجبار
كان فيه نسبة حرية على خوض التجارب ديه...لأن أمي كانت بتشوف ان في يوم من الايام حجي و حقولها أنتِ كنتِ صح ...ساعتها حتفكرني باللحظة ديه
النهاردة أنا دخلت على أمي أوضتها عشان اقولها أنتِ كنتِ صح...في كل حاجة !
بس الغريب أني كنت مبسوطة اوي و انا بقولها..
أعتقد أني لو كنت أخد التجربة على الجاهز كنت أكيد حبقى أنسانة تاني....و مجرد فكرة أني ابقى أنسانة تانية غير نفسي اللي انا عليها دلوقتي مش ممتعة بالنسبة لي
يمكن كنت ساعتها حخد قرارات تبان اريح ليا...يمكن كنت حقدر أخطط بصورة اوضح لمسقبل مختلف
بس يمكن كمان ماكنتش حبقى بكتب الكلام ده دلوقتي...ماكنتش حيبقى حواليا الناس اللي حواليا دلوقتي
يمكن كنت حبقى أسعد طبقاً لمعايير السعادة في مجتمعنا
بس اللي انا أكيدة منه اني كنت حبقى واحدة زي اي واحدة في مجتمع كل الناس فيه شبه بعض حتى في إيقاع النفس
خلاصة الكلام أنا مش ندمانة على اي حاجة دخلتها بكامل أرادتي و انا غرضي أني اتعلم منها حاجة جديدة
انا مش مكتئبة...شوية الزعل اللي كنت بمر بيهم زمان و اللي قلوا بالتدريج كنت لازم أمر بيهم عشان أتعلم افرح
أنا عمري ما حبيت...الحب هو مشاعر متبادلة بين أتنين ...أحاسيس و مواقف...حياة و عِشرة ...و ديه حاجة انا لسة ما عيشتهاش و بالتالي انا ما حبيش !
أنا و أختي شبه بعض أوي...يمكن أكون لسة عارفة ده دلوقتي...بس انا و أختي بذرتنا طلعت واحدة أوي...برغم أختلاف الناتج...البذرة واحدة
الدنيا مش صغيرة و مفيش حاجة صعبة و انا ممكن في أي وقت أختار طريق جديد...بس مفيش حاجة بتيجي ببلاش
الشغل التطوعي ده مجرد وهم...شوية ناس بتتجمع و بتقنع نفسها أنها مهمة...بتعيش الدور على بعض...بدل ما كل واحد فيهم يحاول يعمل حاجة من نفسه بيدعى أنه فعلاً حاجة
عشان كده أنا أعتزلت الأدعاء...بلا رجعة
الدايرة اللي حواليا كان لازم تصغر اوي من زمان...لما كان تركيزي على ألف بني آدم ...كان تركيزي على روحي صفر...لكن دلوقتي لما بقى تركيزي على الناس المهمة بس...بقى تركيزي على روحي أكبر
أنا مبسوطة أوي
مبسوطة أني لأول مرة من فترة طويلة أحس بالرضى...أحس اني عارفة انا رايحة فين
أن الطريق واضح...أني بصنع لافتات أنتظاري
أن ربنا بيكرم اللي بيرعيه في كل تصرفاته
مبسوطة عشان أول مرة أحس أني انسانة أحسن...و أن اللي جاي أكيد أحلى و أحلى
ممكن تفضل تحاول تبقى كل حاجة الناس عايزها ....ممكن تنشغل بمشاكلهم و تحبهم و تستنى كلامهم الكويس عليك
بس بيفضل سؤال موجود مستني منك شجاعة كفاية عشان تجاوب عليه ..أجابة صح مش أجابة من بتوع برامج التليفزيون
ليه ؟...ليه بتدور على الناس ؟...ليه بتدور على نفسك في عينهم ؟
الشجاعة أنك تعترف أنك زيك زي غيرك من البشر...شخص أناني..عمرك ما حتحط حد قبلك ..أو حتفضل مصلحة حد فوق مصلحتك
كل الفكرة أنك حاسس أنك ناقص حتة...و حتة كبيرة...لما بتشوف نفسك في عيون الناس حلوة بتفتكر أنك بقيت كامل ..فبتنسى
بس بترجع آخر النهار تفتكر أن الحتة ديه لسة ناقصة
أنت لسة ناقص حتة كبيرة أوي...حتة مراية الناس لا يمكن تراجعها
إمبارح مسكت ورقة و قلم...كانت أول مرة من فترة طويلة أمسك ورقة و قلم و أحس أني مش عايزة أكتب حاجة
مش عايزة أكتب عن الحب و القلوب المكسورة و بكرة اللي مش بيجي و القهوة اللي بيردت و ماحدش شربها !
عايزة أكتب أنا عملت إيه...حققت إيه في سنين عمري العشرين عشان بس أبقى فاهمة أنا ممكن أحقق إيه في العشرين سنة اللي جايين ده لو إنكتبلي أعيشهم
مش حقول أنهم عشرين سنة فاضيين...لكنهم عشرين سنة ناقصيين
ناقصيين حاجات كتير أوي...ناقصيين حتة كبيرة
و صاحبتهم ناقصها حتة أكبر
بأختصار أنا ما أتغريتش مع الناس ...ما حبتش حد أكتر و لا بقيت بكره حد
ما تأثرت بصدمات و أخدت جنب
و كل قراراتي المصيرية عن التغيير و البعد و الأنانية و الهبل ده كله فشنك
كل الحكاية بس أني عايزة أرجع الحتة اللي ناقصة....بس
أنظر إلى الأمس فلا أرى سوى أيام أضعتها في أشياء لا تعني الآن شيء
أشخاص قليلة تبقوا يحمل كل منهم جزء من عبء لا يكاد يكون نصف العبء الحقيقي و تحمل واحدة فقط العبء كله عن طيب خاطر و رضاء تام
اليوم..لا يوجود شيء محدد في خاطري حتى أكتب عنه..أشعر بكثير من الوحشة ..كثير من الفراغ و أحساس غريب باللا معرفة...لكني لا أشعر بالوحدة
لا يزال هناك من يبهجه وجودي و لا أظل أرى ظلي في عيون أشخاص يعنون لي الكثير
و لكني لا أعرف..و لا أحاول أن أعرف
هي مرحلة أخرى من مراحلي الإنتقالية الكثيرة التي يُتخد فيها قرارات تبدو لي وقتها مصيرية مايلبث أن يمر وقت ليس بالكثير حتى أكتشف أنها قرارات بديهية كان لابد من تنفيذها منذ البداية
الآن
أراي العالم أوضح ..أوضح قليلاً
أراني لم أحقق شيء بعد سوى شخصي..و لذلك الطريق لايزل طويلاً
أراك بعيداً و لا حقاً يهمك ذلك...تعلمت منك أن الكره و الحب وجهان لعملة واحدة أحملها أنا في يدي
أرى نفسي و هي تتحاول إلى نسخة صغيرة من شيء كبير يشبه كثيراً أمي...لذلك أحاول أن أقف دائما بجانبها و هي تضحك حتى أتأكد..لنا نفس العينان
أراني أفتقد أختي..من الغريب أن تبدأ في إستيعاب مدي حبك لأشخاص يملؤن حياتك فقط عندما تكن على وشك أن تبتعد عنهم
أرانا تبعدنا الأيام عن قربنا...سأحاول أن أقترب أكثر ...لن تتحقق النبؤة المحققة
أراي العالم , الآن , أوضح...أرى عالمي أوضح قليلاً