الاثنين، 22 نوفمبر 2010

لما كنا أصغر ...كانت عيونا أوسع

فتاة صغيرة بضفائر قصيرة و شرائط حمراء تتمايل أطرافها مع هواء بحر إسكندريتها الحزينة
فتاة صغيرة بعيون عسلية واسعة...تجلس هناك تنظر إلى طيارة ورق معلقة في السحاب المتشكل على أشكال حيوانتها و شخصيتها الكرتونية المفضلة
هذه هي ...فتاة صغيرة لا أحلام حقيقة لها


"لما كنا أصغر كنا أجرء ...كنا أصدق...كنا بنعرف نعبر عن حبنا بشكل أعمق...بشكل أريح...
كنا أعقل...و كانت عيونا أوسع..كانت عيونا أوسع"

أستلقت على كرسي جدها الخشبي الهزاز القديم
و تأملت صورها و هي صغيرة..تحمل في يدها تفاحة صغيرة و قد وضعت لها أمها في شعرها مجموعة لا حصر لها من الشرائط الملونة و التِوك التك تُوك و قد تحول بهذا المهرجان الصغير شعرها إلى بستان ملون
أبتسمت في أسى...ليت لها نفس العيون الواسعة العسلية التي كانت لها و هي صغيرة
بالتأكيد كانت لتبدو أجمل...ربما كانت لتبدو أصغر...أبرء

لماذا تتذكر هذه الوردة الحمراء الصغيرة التي أهداها لها هذا الفتى النحيل الذي كان يسكن في العمارة المقابلة لعمارتها...تذكر أنها لم تشعر بمشاعر "الناضجون" المعقدة...فقدت فرحت كثيراً بالوردة و ذهبت إلى أمها لتريها إيها...ثم وضعتها في قاموس أختها الكبير
و نامت
مرت الأيام و هم جميعاً يلعبون سوياً...لم تشعر بالحرج من هذا الفتى النحيل...فقد كانت وقتها المشاعر أنعم...كانت وقتها لا قيود على المشاعر
فلم يكن هناك من داع محدد وراء إعطاءه إيها الوردة...و لم تفكر هي...فقط كانت التلقائية و الفرحة
كل الأشياء البديهية البريئة...التي لا تشوبها شواب "الناضجون" المعقدة..التي لا تشوبها حساباتهم المؤلمة..و أرقامهم القاسية


"أنا كان عندي لعبة حلوة أوي زمان...كانت طماطمية صغيرة بتغني بس مرة كنت واقفة مع ماما في البلكونة و قررت أحدفها منها...يومها بابا نزل يجبها لي مالقهاش...وقتها زعلت عليها أوي...دلوقتي لما بفكر في الموضوع بستغرب...حتى اللعبة ..لعبة طفل صغير ممكن تتسرق لمجرد أنه أخد قرر سريع وقتي بفلتها من إيده ؟"

كل الناضجون يخجلون من حديثهم لأنفسهم...رغم أنهم جميعاً يعلمون أن لا أنسان على وجه هذه الأرض لا يحاور نفسه بصوت عالي كلما سنحت له الفرصة لفعل ذلك
و لكنهم يخجلون...يخجلون من حقائق بسيطة لا خجل فيها
يخجلون من مشاعرهم البريئة...يخجلون من الرحمة
يخجلون عندما يرون طفلة صغيرة فترتسم على وجههم أبتسامة تلقائية لهذا الكائن الصغير البريء ..يخجلون من أن يراهم أحد و هم يبتسمون..فهذا الأحد لا يعرف سبب هذا الأبتسامة التلقائية و بالتالي تبقى أبتسامة غير مبررة
يخجل الناس من الضحك...من أن يجلسون مع شخص غريب عنهم يحكون له عن أعمق أسرارهم و ماضيهم
كلهم يخافون من أن يحكم عليهم البشر بينما هم يحكمون على غيرهم
أكرههم الناضجون !



"لما كنا أصغر كنا أجرء ...كنا أصدق...كنا بنعرف نعبر عن حبنا بشكل أعمق...بشكل أريح...كنا أعقل..كنا بنحب غزل البنات...نأكل الشيكولاتة و نسبها تلحوسنا...كنا بنبني قلعة على الرمل...كنا بنعرف نحلم...أحلام أحلى...كنا بنعرف نحلم و أحنا صاحيين أحلام مافيهاش ارقام و بيت و عربية...كنا بنعرف نحلم ببلكونة و كوبية شاي و مصيف..كنا بنعرف نفرح..كنا بنعرف نلون أيامنا

...و كانت عيونا أوسع..كانت عيونا أوسع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق