الخميس، 18 يونيو 2009

مشاهدة "أيوب" شئ و قرائته شئ أخر....!!

بالتأكيد شاهد أغلبنا فيلم "أيوب" الذي كان بطولة كل من عمر الشريف و فؤاد المهندس .....أما ما هو ليس بالتأكيد هو قراءة هذا "المعظم" للقصة ذاتها و التي كتبها العظيم "نجيب محفوظ" ضمن مجموعته القصصية في كتابه "الشيطان يعظ" .....
و دعاني أقل أن لم يكن أؤكد أن من شاهد و لم يقرأ "أيوب" قد فاته أكثر بكثير من الكثير..... فنعم لطلما أعتبر محبي القراءة من طبقة المثقافيين -التي وجب أن تكن الطبقة الغالبة في المجتمع - أن قراءة الرواية أفضل و أمتع بكثير من مشاهدتها ...و لكن في حالة "أيوب" -و التي أطمن -أخوانا- أعداء القراءة أنها قصة قصيرة لا تتعدي العشر صفحات - الوضع مختلف ....فهي تجربة للقراءة أكثر منها للمشاهدة ....فلا توفي أبدا مشاهدة الفيلم حق الرواية و ما أظهر فيها أستاذنا -كعادته- من عظمة التعبير و أنتقاء ممتع للتشبيهات و التفاصيل ....

أنا شخصيا عندما شاهدت الفيلم و كان ذلك قبل قراءتي للقصة ذاتها كرهت "د .جلال أبو السعود" و الذي يجسد شخصيته فؤاد المهندس ....لم يلفت أنتباهي بل أوجع أنتباهي... و لكن عندما قراءت القصة حدث العكس تماما ...لقد أمتعني تخيل "د .جلال" و هو يتحدث عن الحرية.... عن أرادة الأنسان التي لم ينلها أبدا ....عن تحقيقه لحلمه الذي لم يشمل السعي وراء الثروة ...عن يومياته و الشخصيات المتعددة التي يكتشف في نفسه ....
وجدتني و قد رسمت لهذا الرجل مظهر و أطار مختلف فظهر لي في النهاية طبيب ذو وجه خجول مبتسم... رجل وقور يحمل في ملامحه من الطيبة و الصفاء ما يحمله رجل مصري مألوف الهيئة و المظهر ....رجل مثقف ثقافة تزيد من وقاره وقار ....فوجدتني مغرمة بشخص "د جلال" و أرائه... بزوجته و بناته اللوات لم يذكرهن الكاتب في الرواية بالشكل الذي يدعو لتذكرهن أو حبهن ....وجدتنا أريد أن أطبق في كتابة يومياتي نفس الطريقة التي أتبعها "د جلال" في كتابة يومياته...و هذا ما أسميه الكتابة الهادفة ....فيكفي أن تغير قصة وجهة نظر لك أو عادة أو تضيف لشخصك و نمض حياتك من جديد لتتحول من مجرد قصة ممتعة ألي قصة هادفة نجح من خلالها الكاتب في أن يعطيك شيء من رائحته... تجربته و رونقه

و أن قصة "أيوب" هي ليست وحدها ما يستحق أن يقرأ في كتاب "الشيطان يعظ" ...فالمجموعة القصصية بأكملها تجربة تستحق أن تخاض ... تجربة ممتعة مبهجة و مختلفة


- كعادتي عندما أقرأ أمسك بقلم رصاص لأضع خط تحت ما يشد أنتباهي من عبارات و لكن ذلك لا يحدث عند قراءتي لأحد روايات أي من "نجيب محفوظ" أو "د أحمد خالد توفيق" أو لأشعار الأسطورة "نجيب سرور"... فلو فعلت ذلك لتحول لون الورق الأبيض إلي رمادي داكن ....
و لكن ذلك لا يمنع أبدا أن أختم كلامي ببعض الجمل و العبارات التي أستحوذت علي كامل أعجابي و تقديري في قصة "أيوب" :

-لن أطالب الدنيا بما ليس في دستورها "

-فجأة توقف كل شيء عن الحركة فيخيل إلي أنني أسمع دبيب الزمن و هو يجد في سيره ..أجل الزمن يسير و هذا صوته.. بل المؤكد أنه لم يتوقف لحظة عن السير فأين كان يختبيء؟

-أيا كان عمل الأنسان فالثقافة يجب أن تستمر كمعين دائم لأنسانيته الحقة

-كانت لحظة الحسم عسيرة و لكني أخترت و لم أندم

-العمل ضرورة و لكنه ليس الهدف
أذن فما الهدف ؟
لعله التحرر من ضرورة العمل

-عاودتني الأنتباهة فرجعت أنصت ألي صوت الزمن الجاري.. رجعت أتساءل أين كان يختبيء ..متي أنسي الكدر لأكتشف المتعة المتاحة ؟ ..متي أسمع الأغنية فلا أسهو عن شيء من أيقاعها ؟

-الحرية وهم يتراءي لخيال الأنسان العادي و هو أنسان ميكانيكي في أغلب الأحوال

-أنه لم يتحرك بأغراء اللقمة و لكن ليتحرر من الجوع ..الحضارة معركة مستمرة بين الحرية و القوي المؤثرة ..الألة تحرير من عبودية السخرة ..الدواء تحرير من المرض.. العلم تحرير من الجهل.. الطيارة تحرير من الجاذبية.. السرعة تحرير من الزمن ..كذلك المذاهب ..فالدين تحرير للروح.. الإقطاع تحريرا من الفوضي.. اليبرالية كانت تحريرا من الإقطاع ..الأشتراكية تحرير من الليبرالية.. معركة مستمرة بلا نهاية

-عليه أن يقتنع بأن "الذاتية" هي سبيل العبودية و أن الموضوعية هي سبيل الحرية.. الأختيار الحر يقوم علي الموضوعية و ألا أذعنا إلي غريزة و نحن نتوهم أننا نمارس عاطفة أو سيرنا عاطفة و نحن نعتقد أننا نلبي العقل ..و لكي يحدث الأنسجام و التوازن بين الغرائز و العواطف و العقل فلابد من تربية الأرادة تربية تبلغ بها ذروة القوة ..و بكل أنسان سليم من الصبر ما يستطيع به أن يربي أرادته و يتغلب علي ضعفها و تراخيها ..في الأنسان قوة كامنة تضارع قوة الذرة

-في عنق كل منا جريمة قتل عليه أرتكبها

-التصوف يجعل من الشيطان العدو الحقيقي للأنسان أما الطريق فعدوه يشمل الفقر و الجهل و المرض و الأستغلال و الطغيان و الكذب و الخوف

-أحذف "الأرغام" من قاموسك ..لا تتبع طريق الحكام الذين يمهدون للديمقراطية بمناهج دكتاتورية أو يحققون العدل بالظلم أنه طريق سهل لأنه يقوم علي القوة لا التربية

-بين الحقيقة و الخرافة خيط رفيع فاحذر أن تقصفه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق