الثلاثاء، 22 فبراير 2011

جعبة الغرباء

حتى تتخلص من ذكرياتك عليك الإلقاء بها بعيداً في جعبة الغرباء ليأخذوها معهم في أسفارهم إلى البلدان البعيدة , فتتبخر و لا تعود تنتمي إليك
أو إلى صانعيها
هكذا عليك أن تلقي بها في الفناء , الفناء البعيد الذي يضمن لك أن هذه الذكريات لن تعود إليك مرة أخرى محملة بهموم الأخرون
محملة ببقايا ذكريات يحملها غرباء أخرون جاءوا من بلدان أخرى مكلفين بإلقائها في جعبة غريب أخر , لتكمل مسيرة الفناء الأبدي

لذلك بالتحديد أخاف أن ألقي بكل ذكرياتي في جعبة غريب واحد , فأنا غريب من هؤلاء الغرباء المحملين بذكريات الأخرون ,
كما أخاف أن تكن أنت من هؤلاء الأخرون المحملون بالأثقال فيتغير لون الدماء التي تجري في شرييينك عندما تمتزج بذكرياتي العادية
و لا تعود لك ذات الملامح المبهجة !
و لكني بحاجة إلى إلقاء الذكريات لبدء حياة جديدة , حتى أستطيع التنفس ببطء دون الشعور بالضيق من كل نفس يدخل إلى هذا القلب
أريد أن أتمكن من الرؤية , و التخلي عن الماضي الذي يعيق مسيرة الفرح المتوقفة على حدود دولتي المحتلة
أمستحيل أن أتخلى عن الذكريات أن كنت حقاً أريد ذلك , أن أترك جانب من الجوانب الكثيرة التي تغطي على شخصي تنتنصر و ترفع علمها على مدينتي , تطالب الإستقلال التام لكل ذرة في هذه المدينة و أبدأ تحت هذه الراية حياة جديدة خالية من كل العناصر المفسدة التي تطمح لتدمير بقايا هذا الوطن
أريد أن أطن شخص واحد , شخص واحد بعقل واحد و قلب واحد يحكمني , يدير شوؤني الداخلية منها قبل الخارجية و يعطني الحرية لأتنفس و أضحك دون التفكير فيمن قد يكن يقف هناك يراقب كل نفس و ضحكة تخرج إلى الهواء الطلق و يعتقلها ظناً منه أنها قابلة لإفساد الكون بإكمله !

لا أريد حب , أو رجل , أو قصة حب جديدة...أو رجوع قصة حب قديمة...لا اريد قيود أو عساكر من العادات و التقاليد تقف لي هنا و هناك تحاسبني على كل أفعالي الصغيرة منها قبل الكبيرة
لا اريد مجتمع
كما لا أريد قوى عليا من أي نوع سوى تلك التي أختار أن أقف تحت رايتها بحرية مطلقة
لا اريدك أنت أو هو أو أي أحد أخر في الوقت الحالي أنكم تحكمون على بالتمسك بكل تلك الذكريات المزعجة بينما ترفضون أن تنضموا للائحة الغرباء حتى أرمي في جعبتكم ما صنعتم من ذكريات فترحلون بسلام بلا رجعة , على الأقل لوطني و رايتي
هكذا أريد وطني , مستقل , حر , خالي من كل الذكريات القديمة التي تثقل كاهله!



هناك تعليق واحد: