وكالعادة أبدأ كل شيء بعد أوانه أو بمعني أصح ابدأ كل شيء بعد أنتهائه
هكذا كان دائما الحال و لكن كل ما أعرفه هو أنني عندما أفعل هذا الشيء أفعله و أنا أشعر به ..أفعله لأن لي رغبة في فعله..و هكذا يخرج إلي النور بالشكل الذي أريد - أو اقرب ما يكون للشكل الذي أريد-
"كلنا ليلي" حملة أنبأتني بقدومها واحدة من أكثر الشخصيات التي أحترم و أقدر "علياء الزيني"
أعجبتني فكرة أنني سيسعني الكتابة عن "ليلي" بكل ما تواجه من صعاب و مشكلات و عن وجهة نظري تجاه كل هذا الأمر..تجاه المرآة في وطننا العربي
و لكن بدأت الحملة و كالعادة نسيت موعد بدأها و لم أتذكر سوي قبل أنتهائها بأسبوع و ربما أقل ّ!!
و لكن للأسف ما كنت أمر به من حالة نفسية لا يرثي لها وقف عائق أمام كتابتي لشيء يعبر عما أفكر أو يعبر عن أي شيء علي الأطلاق
فقررت أن أشارك بشيء كنت قد كتبته من قبل و الذي أكتشفت أن عدم مشاركتي به كانت لتكن أفضل بكثير من مشاركتي بما لا يمد لهذه الحملة بصلة !!
و لكن بالرغم من أنتهاء الحملة إلا أنني شعرت برغبة عارمة في الكتابة عن "ليلي"
لا يهم أن كان سيقرأ أحد ما كتبت أم لا , كل ما يهم أن "ليلي" لها في عقلي الأن شيء يجب أن يخرج للنور و بالتالي سيخرج للنور بأسمها حتي و أن كان لم يعد يعنيها قرأته !
توقفت مطولا أمام العنوان الذي أختير للحملة
"كلنا ليلي"
و تشتت عقلي كثيرا عندما بدأت في التفكير ..ياتري عن أي ليلي عليِ أن أحكي ؟
هل أحكي عن "ليلي" ..فتاة الشارع التي أختارت أن تهرب من بيت أهلها ..من مأوها الوحيد ليصبح بيتها الشارع
ثم تحمل حمل غير شرعي نتيجة علاقة غير شرعية جمعتها بشاب إيضا لا بيت له سوي هذا الشارع فيخرج إلي الحياة طفل غير شرعي ليس له فيها سوي أسم لا شهادة ميلاد لا وجود قانوني في سجلات حكومة لا تعترف حتي بالذين لهم وجود قانوني لا حقوق لا شيء علي الأطلاق
و بالتالي لا تعليم لا مأوة ...يخرج طفل غير شرعي أخر إلي الحياة ليتعلم كيف يصبح طفل شوارع بحق و حقيق فهو من البداية "تربية شوارع" ليكبر و يتحول إلي ما يحالفه حظه في التحول له
قاتل ...حرامي...بلطجي
كله ماشي ماهو تربية شوارع
أّتكلم عن ليلي..فتاة الشارع التي تختطف إلي مغارات الكباري ليتناوب شباب أغيبتهم المكيفات عن عقلهم علي تمزيق ما تبقي لها من شرف هذا و أن كان هناك ما تبقي..ليلي التي تخاف من أبلاغ الشرطة عن ما أصابها فلن يصدقها أحد
فشرطتنا الحبيبة علي أقتناع تام بأن فتيات الشارع يرتكبن مثل هذه الافعال بكامل أرادتهن !!
و لكن دعني أَقل لك أيها الظابط المبجل
أن كانت فتاة الشارع لا مباديء لها و لا أخلاق ..أن كانت تعرف طريق الرذيلة فبالتأكيد هي تفضل أن ترتكبها مع من ترغب في أرتكابها معه لا من يغصبها علي ذلك -دون مقابل يذكر-
و أن كانت تتلقي المقابل و أنتم علي علم بأن شوارعكم قد أمتلأت بالعاهرات فتلك كارثة أكبر وأسوء من أقتناعكم بأن فتاة الشارع تستحق ما يلحق بها ..كل ما يلحق بها !!
أّتكلم عن هذه ال"ليلي" أم عن "ليلي" الطالبة..ليلي التي تعيش بلا هدف سوي أن تنتقل من بيت أبيها إلي بيت رجل أخر يستطيع أن يلبي طلباتها جميعا
ليلي التي لا تفكر..لا تعي..التي تستعجب لرؤية ليلي أخري تحمل في يدها كتاب
ليلي التي لم تعد تفقه شيء في أمور الدين سوي أن الله فرض عليها أن تغطي شعرها بقطعة من القماش تسمي حجاب لا هي تحترمه و لا تفهم له معني !!
التي لم تفهم ما هو الفرق بين السياسة و كوز الذرة .أّتكلم عن ليلي تلك
أم أتكلم عن ليلي المثقفة الأيجابية المتفتحة التي و أن كانت موجودة لا يتعدي نسبة وجودها بين بنات جيلها ال10%
لن أتكلم عن أي ليلي من هؤلاء بل سأتكلم عن آدم
بالتحديد آدم المصري
سأطرح عليه بعض الأسئلة التي جوابها سيريحني أنا شخصيا كثيرا و يغلق باب شكي في عقول -معظم- بني آدم المصريين
هل يقبل آدم أن تكن "ليلي"ته أنجح منه ؟..أن يكن لها مرتب أكثر من مرتبه ؟
هل يقبل أن تخرج للعمل ؟..أن تكن ليلي طموحة قوية مقدامة ؟..هل يقبل ليلي عنيدة مثابرة ؟..هل يقبل ليلي لها أفكار و مبدأ و أحلام تدافع عنها أمام الجميع بغض النظر عن جنسهم أو منصبهم ؟
هل يقبل آدم بليلي مثقفة تعي من الأمور ما لم يعي بعد ؟..بليلي تعلمه و تصحح خطأه أن أخطأ ؟
هل يقبل أن يكن ل"ليلي" أصحاب ينتمون لقبيلة آدم يعرف كل منهم حدود ه و يحافظ عليها ؟
هل سيقبل بوجود هؤلاء الأصدقاء أن قررت ليلي الأحتفاظ بهم و الحفاظ علي رابط الأخوة الذي يجمعهم أمامه و بعلمه ؟
هل سيقبل آدم بهذه الليلي ؟
حتي الأن لم أري آدم واحد و قد قبل بليلي كتلك الطموحة المثابرة
آدم المصري يريدها هادئة...يريدها كما يحب هو و يهوي ..أما تلك اللي الطموحة المثابرة فقد يحب وجودها في حياته علي أن يكن وجود مؤقت نسبي بحت
و حتي لا أكن ظالمة لبني آدم ...و طبقا لقاعدة أن كل الأمور نسبية و أن مبدأ التعميم لا وجود له
فهناك رجال مصريون يعيشون وسطنا كل ما يبحثون عنه هو ليلي طموحة , مثابرة , متفتحة, مفكرة و عنيدة
يبحثون عن ليلي لها كيان كأنسانة لا يلغي كيانها كأمرآة
و لكن يظل السؤال قائم
لما قد تزيد نسبة ال"ليلات" المثقافات الواعيات عن 10% بينما الطلب عليهن من معشر آدم لا يزيد -بل ربما يقل- عن هذه النسبة ؟
في النهاية لكل آدم "ليلي"ه و ل"ليلي الشارع " رب يسترها و ل"ليلي" العنيدة كيانها الذي ربما تجد هذا الآدم الذي يقبل به و يقدره