الأحد، 21 ديسمبر 2008

حل مشكلتك....... مش عندي

مشكلتك الوحيدة أنك بتخافي... أنتي عارفة أنا كان عندي واحدة صحبتي كانت مشكلتها الوحيدة هي كمان أنها كانت بتخاف.... مكنتش بتخاف من خيالها يعني... و لا من الصراصير و الحشرات و الكلام ده.... كانت بتخاف من حاجة أكبر.... أقوي.... كانت بتخاف من المستقبل.... كانت بتعيش حياتها زي ما هي عايزة ....بالطول و بالعرض ....بس طول ما هي ماشية ....بتفكر..... ياتري اللي أنا حعمله ده حيحصل إيه في المستقبل بسببه .....طب ياتري اللي حقوله حيأثر في مستقبلي إزاي.... طب ياتري.... و ياتري.... و ياتري.... و كله..... كل الأسئلة كانت عن المستقبل.... يوم ما ماتت مصدقتش ...طلعت أجري علي أوضتها و أعدت أهز فيها...قومي.... بلاش هزار بايخ ....ويلا عشان نزلين.... و فضلت وأفا مستنياها تقوم ....أصلها كانت بتحب الخروج أوي.... كنت أقولها يلا ننزل نروح أي حتة ....تنزل... يلا نجرب حاجة جديدة.... تجرب ....مكنتش بتخاف من أنها تجرب أي حاجة جديدة ....و لا كانت حتي بتخاف من الخوف نفسه ....مكنتش بتخاف غير من ربنا..... و المستقبل..... مرة سألتها أنتي بتخافي من المستقبل أوي كده ليه ....قالتلي...." خايفة أعيش وحيدة .....خايفة .....خايفة أعمل حاجة تفرح لوحدي.... ساعتها مش حفرح..... خايفة أزعل و مالقيش حد جنبي يواسيني..... ساعتها حموت من الزعل .....بخاف.... بخاف يجي بكرة و ألقي نفسي لوحدي..... لوحدي أنا و الأربع حيطان..... و بعدين بصت حواليها.... و قالتلي..... علي فكرة هما مش أربعة هما أصلا خمسة..... الباب حيطة منهم ....حيطة ليكي أختيار أنك تفتحيها أو تقفليها..... أنا بقي بفتحها كل يوم و خايفة يجي عليا اليوم اللي مقدرش أفتحها فيه" .....مكنتش فهمة الحقيقة واحدة في سنها بتقول كده ليه..... يعني حتي و لو عشت لوحدي فأكيد حيفضل بأيدي أني أفتح الباب ده و أطلع منه..... بأيدي أني أفرح .....مهو أصلا الحاجات اللي بتفرح مش ممكن لو حصلت مش حتفرحنا .....و الحاجات اللي بتزعل حتفضل تزعلنا.... و حنفضل نحس بزعلها كبير حتي و لو كان زعلها قليل ......أو علي الأقل أنا كنت فكرة كده لفترة طويلة أوي.... مفهمتش قصدها.... و كانت بتقول كده ليه ....إلا.... لما باب أوضتها أتأفل و قالوا أنها ماتت..... حتي اليوم اللي ماتت فيه ده كانت عاملة حسابه..... كانت دايما تقولي ...."أنا خايفة أموت محدش يجي جنازتي.... أو أموت و محدش يزعل عليا..... أو الناس اللي أنا عايزهم يزعلوا ميزعلوش..... أو الناس اللي أنا كنت فاكرهم مش حيزعلوا يزعلوا أوي..... ساعتها حبقي سوءت الظن فيهم..... و الناس اللي بحبهم لو مزعلوش حبقي أديتهم أكتر من حقهم.... اللي هما ما يستهلهوش..... و خايفة الناس اللي مقدرش أعيش من غيرهم يزعلوا عليا في لحظتها.... و خلاص..... يدمعلهم دمعتين... و خلصت.... و الخوف بقي حتي الدمعتين دول.... ميدمعهمش".... كانت خايفة من كل حاجة في المستقبل حتي اليوم ده.... بس أما اليوم ده جاه..... كل الناس اللي دخلوا عليها و شافوها ....قالوا أن وشها كان منور أوي.... منور و مبتسم.... فعلا وشاها كان منور أوي.....كانت أول مرة أشوفها مبتسمة كده..... أبتسامة صغيرة من غير ما يكون فيها حزن و لا خوف..... كانت أول مرة أحس أني عايزة أحضنها أوي.... و مبقاش عايزها تقول حاجة..... خلاص .....لو هي مرتاحة كده..... خلاص..... مش لازم تتكلم..... الغريب بقي..... أني من ساعتها و أنا..... و أنا بعمل كل حاجة هي بتحبها.... سبحان الله معرفش ليه.... يمكن عشان يوم الجنازة كل الناس اللي كانوا قعدين حواليا مفيش حد فيهم مقلش "ياعيني كانت صغيرة".... "ياعيني ماتت بدري أوي".... هو أي نعم قضاء الله و قدره و قدر الله و ما شاء فعل و عمرها و كل الكلام اللي أحنا عارفينه و مفيش أختلاف عليه.... بس....بس ده ميمنعش أن بجد أنا كمان كنت حاسة أنها ماتت بدري أوي..... كان جواها طاقة.... و أحلام ....و طموح ...و أفكار ...و حاجات كانت عايزة بجد تعملها.... مكنتش عارفة... مكنتش عارفة المستقبل حيجي و تقدر تعملهم و لا لاء ....بس دايما كان عندها أمل و أيمان بقوة أحلامها.... حسيت أنها بجد كانت تستحق تعيش عشان تعملهم ....يعني عمرها .....آه عمرها ....محدش يقدر يتكلم ....بس.... حتي لو كانت قبل ما تموت نقلت أحلامها ...و طموحها...و أفكارها ....و رغبتها دول لحد تاني.... برضوا مش حيعرف يعملها زيها..... يمكن كمان عشان حسيت أني مش عايزة حد تاني يقول "ياعيني ماتت صغيرة".... و أن ديه مش المفروض تبقي الجملة اللي تيجي بعد أسمها.... فبقيت بعمل كل حاجة هي بتحبها كأنها هي اللي بتعملها..... كتاب..... ضخم.... أنا مش حباه.... بس للكاتب المفضل بتاعها.... نزل جديد ....ماكنش ينفع ماتقرهوش.... لأنها كانت أول واحدة حتجري علي المكتبة.... و تشتريه ...و لو كانت راحت و لقتوه لسة منزلش.... كانت حتعود تستناه و هي مفيش سيرة علي لسانها غير الكتاب اللي حتموت و تقراه ....حتي أنها أكيد كانت حتحجزه.... و تدفع نص فلوسه تحسبان يعني لو نزل و مكنش معاها كل فلوسه وقتها.... حسيت أنها من حقها تقراه.... فقريته أنا.... و رغم أني كنت بمل في النص و أبقي عايزة أنام.... بس برضو فضلت صاحية لحد ما خلصته.... لأني كنت واثقة أنها أكيد حتخلصه في نفس اليوم اللي حتجيبه فيه ....حتخلصه في يومها عشان مش حتعرف تنام ألا لما تعرف البطل حصله أيه ....و نهاية القصة زي ما هي توقعتها و لا لاء..... ألا لما تقفل آخر صفحة و هي بتبتسم.... أبتسامة رضا ....أو و هي بتبكي.... دمعة.... علي نهاية أثرت فيها.... أو و هي متنرفزة من النهاية ...مش عشان النهاية وحشة... لاء... عشان هي أتعلقت أوي بإبطالها فحست أن النهاية ظلمتهم.... تقفلها و هي حاسة بإحاسيس .داخلة في بعض... مرة سألتها عن سر حبها الغريب للقراية... قالتلي...."القراية عالم.... عالم تاني فيه سحر.... بتعيشي حياة ناس لا يمكن أبدا.... لو رحتي فين.... ما حتقبليهم ...و حتي لو قبلتيهم عمرك ما حتقربي من حايتهم بالشكل الكافي اللي يوريكي تفصيلها كده..... بتحسي بأحاسيس صعب أنكي كنتي تحسيها ....لأنيك عمرك ما حتعملي الحاجات اللي بتطلع منها الأحاسيس ده..... الكاتب بيمشيكي بكلامه في حتت و شوارع عمرك ما زرتيها.... مشاعر داخلة في بعض مش حتحسيها ألا و أنتي بتقفلي آخر صفحة في أول كتاب تحسيه يغير فيكي حاجة..... حتي أنتي نفسك مش عارفة أي هي.... يدخل في عقلك فكرة جديدة .....في قلبك مشاعر عمرك ما حستيها.... دقة قلب متتحسش ألأ لما تشوفي الشخص اللي بتحبيه واقف قدامك..... دموع و حزن متحسهمش ألا لحظة فراق حد عزيز أوي عليكي"..... لما قفلت آخر صفحة في الكتاب ده.... حسيت بكل الأحاسيس اللي هي قالتلي عاليها..... حسيتها عشانها.... عشان أنا واثقة أنها أكيد كانت حتحسها...
بطلت السجاير..... هو طبعا محدش كان يعرف أني كنت بشرب سجاير و لا حتي هي.....و هي أي نعم كانت تجربة كده.... كل فين و فين بشدلي واحدة من علبة هنا و لا من علبة هنا .....بس حتي التجارب ده بطلتها.... أصل هي كانت بتتخنق من السجاير.... كانت تجلها هسترية لما تشم ريحة سجاير.... فبطلتها.... بصراحة خوفت.... خوفت في يوم من الأيام أشدلي سجارة و أشربها روحها تروح..... تروح و تسبني.... و لو راحت محدش حيقدر يرجعها تاني.... و إيماني بأنها حترجع تاني معتقدش ساعتها حيبقي قوي كفاية أنه يرجعها .....فبطلت سجاير و هي اللي كانت السبب.....
كملت و فضلت أعمل كل حاجة هي بتحباها..... حتي لو أنا أصلا مش بحبها.... بس عشان هي بتحبها.... رحت أتسلقت الجبال.... كانت آخر حاجة ممكن أعملها لأني جبانة..... جدا.... بس هي كانت شجاعة.... بميت راجل..... كل صحابنا أجمعوا علي كده.... لدرجة أن واحدة صحبتنا مرة بهزار كده قالتلها ...."أنا معتقديش أنكي حتلقي راجل أجدع منك تتجوزيه".... لحظت أنها زعلت.... بس كالعادة خدتها بضحك و عدي اليوم..... بس أنا فضلت فكرة النظرة اللي كانت في عينيها في اللحظة ديه ....هو أي نعم كانت بميت راجل و جدعة..... بس قلبها كمان كان قلب فراشة .....جناح فراشة رقيق أوي..... ملون بألوان مبهجة و جميلة..... محدش ينفع يشوفه و ميعجبش بيه.....
أغرب حاجة أن يوم جنازتها كان فيه شابين واقفين برة..... رحت واقفت جنب أول واحد..... و أعدت أجرجره في الكلام ....مفيش أسهل من جرجرت واحد في حالة حزن عميق في الكلام.... عرفت منه أنهم كانوا صحاب.... بيسألوا علي بعض.... بيقفوا جنب بعض.... بس المشكلة كانت ....أنه معرفش أنه بيحبها ألا لما ماتت.... و السبب.... أنه كان مستني يقابل واحدة أحسن..... بس في الأخر أكتشف أنه مفيش واحدة أحسن..... هي كانت أحسن حاجة..... أحسن حاجة حصلتله في حياته..... أكتر حد أهتم بيه.... و أكتر حد حبه..... أكتر حد كويس.... كويس في الدنيا.... كويس ليه ....كان بيعيط عليها.... و علي نفسه ....و علي وحدته اللي أتخلقت لحظة موتها... و و هو أعد معايا قرر أنه حيعد كده طول عمره.... أعزب.... من غير حد.... لأنه مس حيلاقي حد.... حد زيها....
التاني بقي.... كان واقف متنح.... متنح في لا حاجة ....و بيما أني أعرفه رحت وقفت جنبه.... و أعدت أكلمه ....بس بعد فترة أكتشفت أني بكلم نفسي.... مكنش سمعني.... مش مثلا سمعني و مطنش .....لا ده بجد مش سمعني.... كان في دنيا تانية.... دنيا تانية خالص.... فضلت واقفة جنبه ساكتة علي أمل أنه يعمل أي حاجة.... يعيط حاتة ....و فجأة..... لقته لوحده بيقولي..." معقولة ديه كانت آخر مرة أشوفها.... طب هي دلوقتي وحشني.... و عايز أشوفها.... تعبان و عايز أتكلم معاها..... و أسمع ضحكتها".... فضل يتكلم ....يتكلم.... تقريبا كده حكالي نفس الحكاية اللي حكاهالي الشاب اللي قبله.... بس السبب.... كان مختلف.... مكنش مستني الأحسن.... لأ ....ده كان مستني اللحظة المناسبة.... اللحظة اللي يحس فيها أنه مناسب... و يستهلها.... غريب أوي.... طب مكنت تقولها.... مش يمكن أنت كنت مناسب كده... زي ما أنت....
مشكلتنا البني آدمين ....أن أحنا بنحب ناخد قرارات غيرنا علي مزاجنا..... يعني أنا اخد قرارك بنيابة عنك من غير ما أنت أصلا تطلب مني.... لمجرد أني شايفة أنه القرار الصح..... و المشكلة أنها في معظم الوقت بتبقي قرارات مصيرية....
جنازتها كانت مليانة ناس..... منهم اللي كانوا غاليين عندها..... و الي مشفتهمش غير مرة واحدة في حياتها ....و كلهم كانوا زعلنين.... بجد.... و بيعيطوا.... من قلبهم ....الناس اللي توقعت أنها مش حتفرق معاهم.... كانوا أكتر ناس بيبكوا... بحرقة....
اليوم ده فهمت سبب خوفها من المستقبل.... بس حسيت أنها لو كانت تعرف أن مستقبلها قصير.... مكنتش خافت منه .....و لا عليه....
مشكلتك الوحيدة أنك بتخافي........ و حل مشكلتك....... مش عندي